مات مبتسماً على حبل المشنقة… من هو محمود محمد طه؟ “سيرة غيرية”


محمود محمد طه من الشخصيات التاريخية المثيرة للجدل في التاريخ السوداني الحديث على ويكيبيديا صنف ك فيلسوف مؤلف ومفكر وسياسي سوداني وايضا عرف بين أتباعه من أبناء الحركة الدينية التي أسسها والحزب الذي شارك في إنشاءه ب “الاستاذ” وبالنسبة لهم هو المفكر الديني التجديدي والثوري واحد اعمدة الحركة الوطنية والمتحدي للسلطات منذ ايام الاستعمار الانجليزي في السودان الى حين وفاته على حبل المشنقة مبتسماً

نشأته


ولد الأستاذ محمود محمد طه في مدينة رفاعة بوسط السودان حوالي عام 1909م سليل اسرة متصوفة فقد والديه مبكراً وتربى هو وخونه على يد عمتهم .
وتعلم كغيره من معاصريه في تلك البقعة من السودان في الخلوة – نوع من المدارس التقليدية الدينية في السودان تعمل على تعليم القرآن الكريم واللغة العربية- ومن بعد ذلك حرصت عمة الاستاذ على تلقيه التعليم النظامي بالإضافة إلى التعليم التقليدي وإلحاقه هو و اخوته بالمدارس الأولية والمتوسطة بمدينة رفاعة



بعد التخرج من المتوسطة إلى كلية غردون للهندسة – جامعة الخرطوم حالياً – في العاصمة الخرطوم في العام 1932م عمل الاستاذ بمدينة عطبرة – المعروفة بمدينة السكة حديد بينها التي شكلت أول نقابة عمالية في السودان فيها من قبل عمال السكة حديد – وكان محمود مناصراً للحركة العمالية ونشطاً في نادي الخريجين مما أثار حفيظة حكومة الاستعمار فقامت بنقله لمدينة كسلا ما دفعه للاستقالة والعمل كمقاول ومهندس حر.

نبذة عن عمله السياسي وانشاءه للحزب الجمهوري


في عام 1945م انشاء محمود مع عدد من رفاقة – أمين مصطفى التني، وعبد القادر المرضي، ومنصور عبد الحميد، ومحمود المغربي، وإسماعيل محمد بخيت – الحزب الجمهوري الذي اختير ليكون رئيس الحزب في سبيل تحقيق جمهورية سودانية حرة على غرار التيارين السياسيين السائدين حينها حيث أحدهما سعى لجعل السودان مملكة تحت التاج الملكي البريطاني – تيار حزب الامة – وتيار يدعو للاتحاد مع مصر لتكوين دولة واحدة – تيار الحزب الإتحادي – دعا الحزب لتكوين دولة سودانية مستقلة تماماً




الحزب الجمهوري كان نشطا ضد الاستعمار في العديد من القضايا من الجنوب الى قضية مزارعي الجزيرة و كان يقيم الندوات العامة ويوقعون المنشورات المضادة للاستعمار ويوزعونها على العامة مما ادى الى اعتقال الاستاذ من قبل السلطات الاستعمارية في عام 1946م التي خيرته بين عام في السجن او ايقاف نشاطه السياسي فاختار السجن ومع تواصل مقاومته من داخل السجن ورفاقه في الخارج تم إطلاق سراحه بعد خمسين يوماً فقط.


واشتهر ك “أول سجين سياسي في الحركة الوطنية ” وهو لقب غير صحيح تاريخيا حيث أن السلطات الاستعمارية قد اعتقلت في السنوات التي سبقت اعتقاله عدد من السودانيين السياسيين مناصري الحركة الوطنية في السودان
نذكر منهم علي عبد اللطيف في عام 1924م و عبد القادر ود حبوبة في عام 1908

نشاطه الديني


تربى محمود تربية دينية في الخلوة كما ذكرت سابقاً فهو سليل عائلة صوفية عريقة ولذلك ليس من الغريب توجه نحو الدين والاعتكاف.
في عام 1945م سجن محمود مجدداً وقضى سنتين في السجن خلال فترة سجنه ظهرت بوادر الفكرة الجمهورية .


بعد إتمامه مدة سجنه في العام 1948م خرج الأستاذ محمود إلى مدينة رفاعة حيث اعتكف مدة ثلاث سنوات في خلوة عن الناس ودأب على الصلاة والصيام الصمدي ثم خرج من خلوته ودعا الحزب لإجتماع لمشاركة مذهبيته الإسلامية الجديدة القائمة على الحرية الفردية المطلقة والعدالة الاجتماعية الشاملة .


أصدر كتب عديدة لشرح مذهبيته هذه أولها كتاب “هذا سبيلي ” منشور باللغة الإنجليزية “islam the way out ” . وعدد كبير من الكتب الاسلامية والسياسية المثير للجدل والتي اثارت حفيظة الكثيرين الذين سماهم ” قوة الهوس الديني ” .


من الكتب التي الشهيرة المثيرة للجدل كتاب رسالة الإسلام الثانية الذي ترجم إلى اللغة الإنجليزية التي دعا فيه إلى ترك الموروث والتركيز على سنة النبي صلى الله عليه وسلم والبعد عن الشريعة المستقاة من آراء المجتهدين والعودة للسنة النبوية الخالصة . الذي راه كثير من معارضي توجهه وتفكيره الديني “قوى الهوس الديني” على أنه إدعاء منه للنبوة وتكفيرا له وحتى اتهامه بالردة .


وايضا كتاب “الهوس الديني يثير الفتنة ليصل إلى السلطة ” الذي صدر خلال الفتر المايوية الاسلامية بالاضافة لاتهامه للسلطات باستجلاب الدعاة من خارج على المنصات الاعلامية لاثارة الفتنة مما أدى للقبض عليه وعدد من رفاقه الجمهوريين دون توجيه أي تهم لهم وخلال فترة سجنهم صدرت قوانين سبتمبر المشؤومة .


واخيرا كتاب ” اسمهم الوهابية وليس أنصار السنة ” عام 1976م وآثار الكتاب غضب السلطات السعودية ودفع سلطة مايو – الحكومة السودانية ان ذاك – إلى اعتقاله وكانت تلك اول مرة يسجن فيها محمود بعد الاستقلال وخروج الحكومة الاستعمارية.

مناصرة الاستاذ لحقوق المرأة ودعوته للمساواة بين الجنسين


كان موضوع المرأة من المواضيع المهم لدى المحمود الذي رأى أنه بعد تعليم المرأة وتقلدها للمناصب يجب أن تتربع مكانه الصحيح في التشريع والمجتمع بعيداً على القصور الديني والعقلي الذي وصمها به السلفيين وعن التفكير الغربي ومحاكاة حركات تحرير المرأة ونسخها .
كما عمل على تقديم فهم جديداً مستمد من أصول الدين يقوم على مساواة الرجال والنساء أمام القانون وفي العدالة الاجتماعية .


ولم يكن كلامه عن المساواة فلسفة جوفاء حيث تم تطبيق هذه المفاهيم داخل هيكلة الحزب ، وايضا وجود العديد من التلميذات في الفكرة الجمهورية وحتى كن حاضرات و داعيات للدين والندوات .

ملابسات إعدامه


تم توجيه حكم الردة محمود محمد طه مرتين وانتهت المحاكمة الثانية بحكم الاعدام .


المرة الأولى

كانت في عام 1968م الجمهوريون يصفونها بالمحكمة المهزلة حيث اتفق فيها القاضى مع الشاكى على إصدار الحكم قبل انعقاد المحكمة و كانت محكم ة سريعة بلغت نصف ساعة وتم الحكم عليه غيابيا ولم يحضر محمود المحكمة لأن الحكم لم يكن من اختصاص المحكمة المصدرة للحكم – محكمة الأحوال الشخصية – واستخدم الحكم للاشارة لخطر الهوس الديني على حرية الشعب.


المحكمة الثانية

وقعت بعد صدور قوانين سبتمبر وقوانين الشريعة التي كانت جزء من الحركة سياسية للسيطرة على الحكم والتي في النهاية أدت لتولي الحركة الإسلامية مقاليد الحكم – فرع الإخوان المسلمين – وهو أمر قد حذر منه محمود سابقا في عدة كتب من انتشار “قوى الهوس الدينى”.
في البدء تم اعتقال عدد من الجمهوريين ثم محمود بتهمة اثارة الكراهية ضد الدولة ومن بعدها حولت المحكمة التهمة إلى تهمة الردة .


ورفض محمود التعاون مع المحكمة فصدر الحكم بالإعدام ضده وضد الجمهوريين الأربعة بالإعدام شنقاً حتى الموت على أن يكون لهم الحق في التوبة والرجوع عن دعوتهم إلى ما قبل تنفيذ الحكم في عام 1985. وتم اعدام الاستاذ في ال18 من يناير .


في عام 1986 تقدمت اسماء محمود محمد طه – ابنة المرحوم – بطعن في قرار المحكمة وكون الحكم الذي صدر ونفذ ضد والده كان خرقا صارخا لحقوقه الدستوريه . وقدمت هيئة الادعاء العديد من الحجج

  • منها :
  • أن تكوين محكمة الاستئناف الجنائية بواسطة رئيس الجمهورية السابق كان إجراء غير قانوني
  • أنه قد تم العثور على مذكرة مدسوسة بالمحضر صاغها شخص مجهول ليستعين بها قاضي الموضوع في إصدار حكمه
  • أن تنفيذ حكم الإعدام على والد المدعية الأولى، رغم تجاوز عمره للسبعين عاماً، كان فعلاً مخالفاً لنص المادة (247) من قانون الإجراءات الجنائية


والعديد من الحجج القانونية التي أدت الى الاعتراف بعدم شرعية المواد والقوانين التي أدت للحكم على على والدها بالإعدام وبطلان الحكم .

الارث الفكري الذي خلفه


محمود محمد طه شخصية فكرية مؤثرة وتفكيره وحركته كانت وما زالت خارجة عن المالوف سابق لعصره حتى ولو اختلفت معه من حيث المذهب لا يمكن ان تنكر عبقرية الرجل في الكتابه وفي جذب الانسان لفهم ما يحاول توصيله .


من بداية تعليمه البسيط و التحاقه بكلية الهدنسة ، اهتمامه بحركة النضال الوطني منذ بداية عمله في السكة حديد و تفكيره السابق لاوانه بالسودان كوحدة شامله مستقله من الشمال الى الجنوب لا يوجد مشكلة لم يطرحها في كتابته ، ثم تكوين حزبه و بدء مفهومه الديني المذهبي الخاص اقل ما يقال عن الرجل انه مثير للاهتمام سلبا او إيجابا.

نُشر بواسطة ميدونا | Medonaa

تائهة تبحث عن الطريق بين الصفحات والسطور

أضف تعليق

تصميم موقع كهذا باستخدام ووردبريس.كوم
ابدأ